الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير **
وأما الواقدي فهو محمد بن عمر بن واقد أبو عبد الله المديني سمع ابن أبي ذئب ومعمر بن راشد ومالك بن أنس ومحمد بن عبد الله بن أخي الزهري ومحمد بن عجلان وربيعة بن عثمان وابن جريح وأسامة بن زين وعبد الحميد بن جعفر والثوري وأبا معشر وجماعة روى عنه كاتبه محمد بن سعد وأبو حسان الزيادي ومحمد بن اسحق الصاغاني وأحمد بن الخليل البرجلاني وعبد الله بن الحسين الهاشمي وأحمد بن عبيد بن ناصح ومحمد بن شجاع الثلجي والحرث بن أبي أسامة وغيرهم. ذكره الخطيب أبو بكر وقال هو ممن طبق شرق الأرض وغربها ذكره ولم يخف على أحد عرف أخبار الناس أمره وسارت الركبان بكتبه في فنون العلم من المغازي والسير والطبقات وأخبار النبي صلى الله عليه وسلم والأحداث التي كانت في وقته وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم وكتب الفقه واختلاف الناس في الحديث وغير ذلك وكان جواداً كريماً مشهوراً بالسخاء وقال ابن سعد: محمد بن عمر بن واقد أبو عبد الله مولى عبد الله بن بريدة الأسلمي كان من أهل المدينة قدم بغداد في سنة ثمانين ومائة في دين لحقه فلم يزل بها وخرج إلى الشام والرقة ثم رجع إلى بغداد فلم يزل بها إلى أن قدم المأمون من خراسان فولاه القضاء بعسكر المهدي فلم يزل قاضياً حتى مات ببغداد ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة سبع ومائتين ودفن يوم الثلاثاء في مقابر الخيزران وهو ابن ثمان وسبعين سنة وذكر أنه ولد سنة ثلاثين ومائة في آخر خلافة مروان بن محمد. وكان عالماً بالمغازي واختلاف الناس وأحاديثهم وقال محمد بن خلاد سمعت محمد بن سلام الجمحي يقول: محمد بن عمر الواقدي عالم دهره. وقال إبراهيم الحربي: الواقدي آمن الناس على أهل الإسلام وقال الحربي أيضاً كان الواقدي أعلم الناس بأمر الإسلام فأما الجاهلية فلم يعمل فيها شيئاً وقال يعقوب بن شيبة لما انتقل الواقدي من الجانب الغربي إلى هاهنا يقال أنه حمل كتبه على عشرين ومائة وقر وقيل كانت كتبه ستمائة قمطر وقال محمد بن جرير الطبري قال ابن سعد كان الواقدي يقول ما من أحد إلا وكتبه أكثر من حفظه وحفظي أكثر من كتبي. وروى غيره عنه قال ما أدركت رجلاً من أبناء الصحابة وأبناء الشهداء ولا مولى لهم إلا سألته هل سمعت أحداً من أهلك يخبرك عن مشهده وأين قتل فإذا أعلمني مضيت إلى المريسيع فنظرت إليها وما علمت غزاة إلا مضيت إلى الموضع حتى أعاينه أو نحو هذا الكلام وقال ابن منيع سمعت هرون الفروي يقول رأيت الواقدي بمكة ومعه ركوة فقلت أين تريد قال أريد أن أمضي إلى حنين حتى أرى الموضع والوقعة وقال إبراهيم الحربي سمعت المسيبي يقول رأيت الواقدي يوماً جالساً إلى اسطوانة في مسجد المدينة وهو يدرس فقلنا له أي شيء تدرس فقال حزبى من المغازي. وروينا عن أبي بكر الخطيب قال وأنا الأزهري قال أنا محمد بن العباس قال أنا أبو أيوب قال سمعت إبراهيم الحربي يقول وأخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي ثنا عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري ثنا محمد ابن أيوب بن المعافى قال قال إبراهيم الحربي سمعت المسيبي يقول قلنا للواقدي هذا الذي تجمع الرجال تقول ثنا فلان وفلان وجئت بمتن واحد لو حدثتنا بحديث كل رجل على حدة قال يطول فقلنا له قد رضينا قال فغلب عنا جمعه ثم أتانا بغزوة أحد عشرين جلداً وفي حديث البرمكي مائة جلد فقلنا له ردنا إلى الأمر الأول. معنى اللفظين متقارب وعن يعقوب بن شيبة قال ومما ذكر لنا أن مالكاً سئل عن قتل الساحرة فقال انظروا هل عند الواقدي في هذا شيء فذاكروه ذلك فذكر شيئاً عن الضحاك بن عثمان فذكروا أن مالكاً قنع به. وروى أن مالكاً سئل عن المرأة التي سمت النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر ما فعل بها فقال ليس عندي بها علم وسأسأل أهل العلم قال فلقي الواقدي قال يا أبا عبد الله ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة التي سمته بخيبر فقال الذي عندنا أنه قتلها فقال مالك قد سألت أهل العلم فأخبروني أنه قتلها. وقال أبو بكر الصاغاني لولا أنه عندي ثقة ما حدثت عنه حدث عنه أربعة أئمة أبو بكر بن أبي شيبة وأبو عبيد وأحسبه ذكر أبا خيثمة ورجلاً آخر. وقال عمرو الناقد قلت للداوردي ما تقول في الواقدي قال لا تسألني عن الواقدي سل الواقدي عني. وذكر الداوردي الواقدي فقال ذلك أمير المؤمنين في الحديث وسئل أبو عامر العقدي عن الواقدي فقال نحن نسأل عن الواقدي إنما يسأل هو عندما كان يفيدنا الأحاديث والشيوخ بالمدينة إلا الواقدي. وقال الواقدي لقد كانت ألواحي تضيع فأؤتي بها من شهرتها بالمدينة يقال هذه ألواح ابن واقد. وقال مصعب الزبيري والله ما رأينا مثله قط قال مصعب وحدثني من سمع عبد الله بن المبارك يقول كنت أقدم المدينة فما يفيدني ولا يدلني على الشيوخ إلا الواقدي. وقال مجاهد بن موسى ما كتبت عن أحد أحفظ منه. وسئل عنه مصعب الزبيري فقال ثقة مأمون وكذلك قال المسيبي. وسئل عنه معن بن عيسى فقال أنا أسال عنه هو يسأل عني. وسئل عنه أبو يحيى الزهري فقال ثقة مأمون. وسئل عنه ابن نمير فقال أما حديثه عنا فمستو وأما حديث أهل المدينة فهم أعلم به. وقال يزيد بن هارون ثقة. وقال عباس العنبري هو أحب إلي من عبد الرزاق. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام ثقة. وقال إبراهيم وأما فقه أبي عبيد فمن كتاب محمد بن عمر الواقدي الاختلاف والإجماع كان عنده. وقال إبراهيم الحربي من قال أن مسائل مالك بن أنس وابن ذئب تؤخذ عمن هو أوثق من الواقدي فلا يصدق لأنه يقول سألت مالكاً وسألت ابن أبي ذئب. وقال إبراهيم بن جابر: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال كتب أبي عن أبي يوسف ومحمد ثلاثة قماطر قلت له كان ينظر فيها قال كان ربما نظر فيها وكان أكثر نظره في كتب الواقدي. وسئل إبراهيم الحربي عما أنكره أحمد على الواقدي فقال إنما أنكر عليه جمعه الأسانيد ومجيئه بالمتن واحداً. وقال إبراهيم وليس هذا عيباً فقد فعل هذا الزهري وابن اسحق. قال إبراهيم لم يزل أحمد بن حنبل يوجه في كل جمعة بحنبل بن اسحق إلى محمد بن سعد فيأخذ له جزءين من حديث الواقدي فينظر فيهما ثم يردهما ويأخذ غيرهما وكان أحمد بن حنبل ينسبه لتقليب الأخبار كأنه يجعل ما لمعمر لابن أخي الزهري وما لابن أخي الزهري لمعمر. وأما الكلام فيه فكثير جداً قد ضعف ونسب إلى وضع الحديث وقال أحمد هو كذاب وقال يحيى ليس بثقة. وقال البخاري والرازي والنسائي متروك الحديث وللنسائي فيه كلام أشد من هذا وقال الدارقطني ضعيف وقال ابن عدي أحاديثه غير محفوظة والبلاء منه. قلت سعة العلم مظنة لكثرة الأغراب وكثرة الأغراب مظنة للتهمة والواقدي غير مدفوع عن سعة العلم فكثرت بذلك غرائبه. وقد روينا عن علي بن المديني أنه قال: للواقدي عشرون ألف حديث لم نسمع بها. وعن يحيى بن معين أغرب الواقدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرين ألف حديث وقد روينا عنه من تتبعه آثار مواضع الوقائع وسؤاله من أبناء الصحابة والشهداء ومواليهم عن أحوال سلفهم ما يقتضي انفراداً بروايات وأخبار لا تدخل تحت الحصر كثيراً ما يطعن في الرواي برواية وقعت له من أنكر تلك الرواية عليه واستغربها منه ثم يظهر له أو لغيره بمتابعة متابع أو سبب من الأسباب براءته من مقتضى الطعن فيتخلص بذلك من العهدة. وقد روينا عن الإمام أحمد رحمه الله ورضي عنه أنه قال ما زلنا ندافع أمر الواقدي حتى روى عن عمر عن الزهري عن نبهان عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم " أفعمياوان أنتما " فجاء بشيء لا حيلة فيه والحديث حديث يونس لم يروه غيره. وروينا عن أحمد بن منصور الرمادي قال قدم علي بن المديني بغداد سنة سبع ومائتين والواقدي يومئذ قاض علينا وكنت أطوف مع علي على الشيوخ الذين يسمع منهم فقلت أتريد أن تسمع من الواقدي ثم قلت له بعد ذلك لقد أردت أن أسمع منه فكتب إلى أحمد بن حنبل كيف تستحل الرواية عن رجل روى عن معمر حديث نبهان مكاتب أو سلمة وهذا حديث يونس تفرد به قال أحمد بن منصور الرمادي فقدمت مصر بعد ذلك فكان ابن أبي مريم يحدثنا به عن نافع بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب عن نبهان وقد رواه أيضاً يعقوب ابن سفيان عن سعيد بن أبي مريم عن نافع بن يزيد كرواية الرمادي قال الرمادي فلما فرغ ابن أبي مريم من هذا الحديث ضحكت فقال مم تضحك فأخبرته بما قال علي وكتب إليه أحمد فقال لي ابن أبي مريم إن شيوخنا المصريين لهم عناية بحديث الزهري وكان الرمادي يقول هذا مما ظلم فيه الواقدي. فقد ظهر في هذا الخبر أن يونس لم ينفرد به وإذ قد تابعه عقيل فلا مانع من أن يتابعه معمر وحتى لو لم يتابعه عقيل لكان ذلك محتملاً وقد يكون فيما رمى به من تقليب الأخبار ما ينحو هذا النحو. قد أثبتنا من كلام الناس في الواقدي ما يعرف به حاله والله الموفق. وربما حصل إعلام في بعض الأحيان بغريبة توجد في الخبر وتنبيه على مشكل يقع فيه متناً أو إسناداً على وجه الإيماء والإشارة لا على سبيل التقصي وبسط العبارة. وسميته بعيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير. والله المسؤول أن يجعل ذلك لوجهه الكريم خالصاً وأن يؤوينا إلى ظله إذا الظل أضحى في القيامة قالصاً بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى.
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ويدعى شيبة الحمد بن هاشم وهو عمرو العلي ابن عبد أبوكم قصي كان يدعى مجمعاً به جمع الله القبائل من فهر ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا هو الصحيح المجمع عليه في نسبه وما فوق ذلك مختلف فيه. ولا خلاف أن عدنان من ولد إسماعيل نبي الله بن إبراهيم خليل الله عليهما السلام وإنما الخلاف في عدد من بين عدنان وإسماعيل من الآباء فمقل ومكثر وكذلك من إبراهيم إلى آدم عليهما السلام لا يعلم ذلك على حقيقته إلا الله: روينا عن ابن سعد أخبرنا هشام أخبرني أبي أبو سلمة عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وكان إذا انتسب لمن يجاوز معد بن عدنان بن أدد ثم يمسك ويقول كذب النسابون قال الله عز وجل وقروناً بين ذلك كثيراً. وقال ابن عباس لو شاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلمه لعلمه. وعن عائشة رضي الله عنها ما وجدنا أحداً يعرف ما وراء عدنان ولا قحطان إلا تخرصاً. وقد روى نحو ذلك عن عمر وعكرمة وغير واحد. والي رجحه بعض النسابين في نسب عدنان أنه ابن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قيذار بن الذبيح إسماعيل بن الخليل إبراهيم بن تارح وهو آزر بن ناحور بن سارمح بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفشخد بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس النبي عليه السلام بن يارد بن مهلاييل بن قنيان بن أنوش بن شيث وهو هبة الله بن آدم عليهما أفضل الصلاة والسلام. أخبرنا أحمد بن إبراهيم الفاروثي الإمام بدمشق أنبأ الحسين بن علي العلوي ببغداد أنبأ ابن ناصر قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري أنبأ القاضي أبو البركات أحمد بن عبد الواحد بن الفضل الفراء أنبأ الشريف أبو جعفر محمد بن عبد الله بن ظاهر الحسيني ثنا أبو سليمان أحمد بن محمد بن المكي بالمدينة سنة تسع وتسعين ومائتين ثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن ابن أبي ذئب عمن لا يتهم عن عمرو بن العاص فذكر حديثاً وفيه قال يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله اختار الهرب على الناس واختارني على من أنا منه ثم أنا محمد بن عبد الله حتى بلغ النضر بن كنانة ثم قال فمن قال غير هذا فقد كذب. وبه عن عبد العزيز بن محمد عن ابن أبي ذئب عن جبير بن أبي صالح عن ابن شهاب عن سعد بن أبي وقاص قال قيل يا رسول الله قتل فلان لرجل من ثقيف فقال أبعده الله إنه كان يبغض قريشاً. وروينا من طريق مسلم ثنا محمد بن مهران الرازي ومحمد بن عبد الرحيم بن سهم جميعاً عن الوليد بن مسلم ثنا ابن مهران ثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد أنه سمع واثلة بن الأسقع يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم. والعرب على ست طبقات: شعب وقبيلة وعمارة وبطن وفخذ وفصيلة. وسميت الشعوب لأن القبائل تشعبت منها. وسميت القبائل لأن العمائر تقابلت عليها فالشعب تجمع القبائل والقبيلة تجمع العمائر والعمارة تجمع البطون والبطن تجمع الأفخاذ والفخذ تجمع الفصائل: فيقال مضر شعب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنانة قبيلته وقريش عمارته وقصي بطنه وهاشم فخذه وبنو العباس فصيلته. هذا قول الزبير وقيل بنو عبد المطلب فصيلته وعبد مناف بطنه وسائر ذلك كما تقدم. وقيل بعد الفصيلة العشيرة وليس بعد العشيرة شيء. وقيل الفصيلة هي العشيرة وقيل غير ذلك.
ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب وكانت في حجر عمها وهيب بن عبد مناف قال الزبير: وكان عبد الله أحسن رجل رؤي في قريش قط وكان أبوه عبد المطلب قد مر به فيما يزعمون على امرأة من بني أسد بن عبد العزى وهي أخت ورقة بن نوفل وهي عند الكعبة فقالت له أين تذهب يا عبد الله قال مع أبي قالت لك مثل الإبل التي نحرت عنك وكانت مائة وقع علي الآن قال أنا مع أبي ولا أستطيع خلافه ولا فراقه وأنشد بعض أهل العلم في ذلك لعبد الله بن عبد المطلب: أما الحرام فالممات دونه والحل لا حل فأستبينه فكيف بالأمر الذي تبغينه أخبرنا الإمام العلامة أبو العباس أحمد بن إبراهيم الواسطي بدمشق أنبأ الأمير أبو محمد الحسن بن علي العلوي ببغداد سماعاً عليه قال أخبرنا الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي قراءة عليه وأنا أسمع قال أنبأ أبو طاهر بن أبي الصقر أنبأ القاضي أبو البركات أحمد بن عبد الوهاب الفراء أنبأ الشريف أبو جعفر محمد بن عبد الله الحسيني ثنا أبو بكر الخضر بن داود بمكة ثنا الزبير بن بكار حدثني سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال " وروينا عن ابن سعد قال أنبأ هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه كتبت للنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة أم فما وجدت فيهن سفاحاً ولا شيئاً مما كان من أمر الجاهلية. وروينا مرفوعاً من حديث ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " خرجت من نكاح غير سفاح ". رجع إلى الأول: فخرج له عبد المطلب حتى أتى به وهيب بن عبد مناف ابن زهرة وهو يومئذ سيد بني زهرة سناً وشرفاً فزوجه آمنة بنت وهب وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً فزعموا أنه دخل عليها حين أملكها مكانه ووقع عليها فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج من عندها فأتى المرأة التي عرضت عليه فقال لها مالك لا تعرضين علي اليوم ما عرضت بالأمس فقالت له فارقك النور الذي كان معك بالأمس فليس لي بك اليوم حاجة وقد كانت سمعت من أخيها ورقة بن نوفل أنه كائن في هذه الأمة نبي. قال أبو عمر كان تزوجها وعمره ثلاثون سنة وقيل خمس وعشرون وقيل بينهما ثمانية وعشرون عاماً. وتزوج عبد المطلب في ذلك المجلس دلة بنت وهيب بن عبد مناف فولدت له حمزة والمقوم وحجلاً وصفية وأم الزبير. قال محمد بن السائب الكلبي: لما تزوج عبد الله ابن عبد المطلب آمنة أقام عندها ثلاثاً وكانت تلك السنة عندهم إذا دخل الرجل على امرأته في أهلها.قال ابن اسحق ويزعمون فيما يتحدث الناس والله أعلم أن أمه كانت تحدث أنها أتيت حين حملت له فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سميه محمداً. ومن طريق محمد بن عمر عن علي بن زيد عن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أبيه عن عمته قالت كنا نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت به أمه آمنة بنت وهب كانت تقول ما شعرت بأني حملت به ولا وجدت له ثقلة كما يجد النساء إلا أني أنكرت رفع حيضتي وربما تقول وأتاني آت وأنا بين النائم واليقظان فقال هل شعرت أنك حملت فكأني أقول ما أدري فقال إنك قد حملت بسيد هذه الأمة ونبيها وذلك يوم الاثنين الحديث وأمهلني حتى دنت ولادتي أتاني فقال قولي أعيذه بالواحد. وعن الزهري قال قالت آمنة لقد علقت به فما وجدت له مشقة حتى وضعته. وفاة عبد الله بن عبد المطلب " قال ابن اسحق ثم لم يلبث عبد الله بن عبد المطلب أن هلك وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل به. هذا قول ابن اسحق. وغيره يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المهد حتى توفي أبوه رويناه عن الدولابي. وذكر ابن أبي خيثمة أنه كان ابن شهرين وقيل ابن ثمانية وعشرين شهراً. وقبره في المدينة في دار من دور بني عدي بن النجار كان خرج إلى المدينة يمتار تمراً وقيل بل خرج به إلى أخواله زائراً وهو ابن سبعة أشهر. وفي خبر سيف بن ذي يزن: مات أبوه فكلفه جده وعمه. وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال بعث عبد المطلب ابنه عبد الله يمتار تمراً من يثرب فمات بها وهو شاب عند أخواله ولم يكن له ولد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم. والذي رجحه الواقدي وقال هو أثبت الأقاويل عندنا في موت عبد الله وسنة أنه كان خرج إلى غزة في عير من عيرات قريش يحملون تجارات ففرغوا من تجارتهم وانصرفوا فمروا بالمدينة وعبد الله بن عبد المطلب يومئذ مريض فقال أنا أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار وأقام عندهم مريضاً شهراً ومضى أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبد المطلب عن عبد الله فقالوا خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار وهو مريض فبعث إليه عبد المطلب أكبر ولده الحرث فوجدوه قد توفي ودفن في دار النابغة قيل كان بينه وبين ابنه عليه السلام ثمانية عشر عاماً. وقد تقدم في تزويج عبد الله آمنة ما حكي عن السلف في ذلك.
وولد رسولنا ونبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول عام الفيل قيل بعد الفيل بخمسين يوماً. وقال الزبير حملت به أمه صلى الله عليه وسلم في أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى. وولد صلى الله عليه وسلم في الدار التي تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان وقيل بل يوم الاثنين في ربيع الأول لليلتين خلتا منه. قال أبو عمر وقد قيل لثمان خلوان منه وقيل إنه أول اثنين من ربيع الأول وقيل لاثنتي عشرة ليلة خلت من عام الفيل وقيل إنه ولد في شعب بني هاشم. وروي عن ابن عباس قال ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل: أخبرناه أبو المعالي أحمد بن اسحق فيما قرأت عليه قلت قال أخبركم الشيخان أبو الفرج الفتح بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد السلام وأبو العباس أحمد بن أبي الحسين بن أبي الفتح بن صرما " ح " قال وقرأت على الإمام أبي اسحق إبراهيم بن علي بن أحمد الحنبلي الزاهد بسفح قاسيون قال قلت له أخبركم أبو البركات داود بن أحمد بن محمد البغدادي قالوا أنا أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأموي سماعاً عليه وقال أنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور قال أنا أبو الحسين علي بن عمر السكري قال أنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ثنا يحيى بن معين ثنا حجاج بن محمد ثنا يونس بن أبي اسحق عن أبي اسحق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل. وعن قيس بن مخرمة قال ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل فنحن لدان. وقيل بعد الفيل بشهر قيل بأربعين يوماً وقيل بخمسين يوماً. وذكر أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي قال كان قدوم الفيل مكة لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم. وقد قال ذلك غير الخوارزمي وزاد يوم الأحد قال وكان أول المحرم تلك السنة يوم الجمعة قال الخوارزمي وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بخمسين يوماً يوم الاثنين لثمان خلت من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من عام الفيل فكان من مولده إلى أن بعثه الله أربعون سنة ويوم ومن مبعثه إلا أول المحرم من السنة التي هاجر فيها اثنتا عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرون يوماً وذلك ثلاث وخمسون سنة تامة من عام الفيل. وذكر ابن السكن من حديث عثمان بن أبي العاص عن أمه فاطمة بنت عبد الله أنها شهدت ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً قالت فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نور وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى أني لأقول لتقعن علي. ويقال وضعت عليه جفنة فانفلقت عنه فلقتين فكان ذلك من مبادئ إمارات النبوة في نفسه. وذكر ابن أبي خيثمة عن أبي صالح السمان قال قال كعب إنا لنجد في كتاب الله عز وجل محمد مولده بمكة. وعن عبد الملك بن عمير قال قال كعب إني أجد في التوراة عبدي أحمد المختار مولده بمكة. وحكى أبو الربيع بن سالم أن بقي بن مخلد ذكر في تفسيره إن إبليس لعنه الله رن أربع رنات رنة حين لعن ورنة حين أهبط ورنة حين ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورنة حين نزلت فاتحة الكتاب. أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن محمد الدمشقي بقراءتي عليه قلت له أخيركم الشيخان أبو عبد الله محمد بن نصر بن عبد الرحمن بن محمد بن محفوظ القرشي والأمير سيف الدولة أبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل بن نجاد الأنصاري قراءة عليهما وأنت حاضر في الرابعة قالا أنا الفقيه أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قراءة عليه ونحن نسمع قال أنا المشائخ أبو الحسن علي بن المسلم ابن محمد بن الفتح بن علي الفقيه وأبو الفرج غيث بن علي بن عبد السلام بن محمد بن جعفر بن الأرمنازي الصوري الخطيب وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة ابن الخضر بن العباس الوكيل بدمشق قالوا أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد ابن محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد السلمي قال أنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد قال أنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن سهل الخرائطي ثنا علي بن حرب ثنا أبو أيوب يعلى بن عمران من آل جرير بن عبد الله البجلي قال حدثني مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه وأتت له خمسون ومائة سنة قال لما كان ليلة ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام وغاضت بحيرة ساوة ورأى الموبذان إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك فصبر عليه تشجعاً ثم رأى أن لا يدخر - وقال الفقيه أنه لا يدخر - ذلك عن مرازبته فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره ثم بعث إليهم فلما اجتمعوا عنده قال تدرون فيما بعثت إليكم قالوا لا إلا أن يخبرنا الملك فبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النيران فازداد غماً إلى غمه ثم أخبرهم ما رأى وما هاله فقال الموبذان وأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة رؤيا ثم قص عليه رؤياه في الإبل فقال أي شيء يكون هذا يا موبذان قال حدث يكون في ناحية الغرب وكان أعلمهم في أنفسهم فكتب عند ذلك: من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أما بعد فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بعيلة الغساني فلما ورد عليه قال له ألك علم بما أريد أن أسألك عنه قال ليخبرني الملك أو ليسألني عما أحب فإن كان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلمه فأخبره بالذي وجه إليه فيه قال علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح قال فأته فاسأله عما سألتك عنه ثم إءتني بتفسيره فخرج عبد المسيح حتى انتهى إلى سطيح وقد أشفى على الضريح فسلم عليه وكلمه فلم يرد عليه سطيح جواباً فأنشأ يقول أصم أم يسمع غطريف اليمن في أبيات ذكرها. قال فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه يقول عبد المسيح على جمل مشيح إلى سطيح وقد أشفى على الضريح بعثك ملك ابن ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلاً صعاباً تقود خيلاً عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة وظهر صاحب الهرواة وفاض وادي السماوة وغاضت بحيرة ساوة وخمدت نار فارس فليس الشام لسطيح شاما يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات وكل ما هو آت آت ثم قضى سطيح مكانه فنهض عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول: شمر فإنك ماضي الهم شمير لا يفزعنك تفريق وتغيير إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم فإن ذا الدهر أطوار دهارير فربما ربما أضحوا بمنزلة تهاب صولهم الأسد المهاصير منهم أخو الصرح بهرام وإخوته والهرمزان وسابور وسابور والناس أولاد علات فمن علموا إن قد أقل فمحقور ومهجور وهم بنو الأم أما إن رأوا نشباً فذاك بالغيب محفوظ ومنصور والخير والشر مقرونان في قرن فالخير متبع والشر محذور فلما قدم المسيح على كسرى أخبره بما قال له سطيح فقال كسرى إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكاً كانت أمور وأمور فملك منهم عشرة في أربع سنين وملك الباقون إلى خلافة عثمان رضي الله عنه. قال ابن اسحق فلما وضعته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب إنه قد ولد لك غلام فانظر إليه فأتاه ونظر إليه وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما أمرت أن تسميه فيزعمون أن عبد أخذه فدخل به الكعبة فقام يدعو الله ويتشكر له ما أعطاه ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها. وولد صلى الله عليه وسلم معذوراً مسروراً أي مختوناً مقطوع السرة ووقع إلى الأرض مقبوضة أصابع يده مشيراً بالسباحة كالمسبح بها. حكاه السهيلي. روينا عن ابن جميع ثنا عمر بن موسى بالمصيصة ثنا جعفر بن عبد الواحد قال قال لنا صفوان ابن هبيرة ومحمد بن البرساني عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس قال ولد النبي صلى الله عليه وسلم مسروراً مختوناً.
|